تعريف ونشأة وخصائص القانون الإداري
يرتبط
تعريف القانون الإداري بتعريف المقصود باصطلاح الإدارة العامة . إذا أن الإدارة العامة
"كما
يمكن تعريفها من ناحية موضوعية أو وظيفية
عن طريق تحديد مجالات نشاطها ...فان أيضا يمكن تعريفها من ناحية شكلية أو عضوية , بالنظر إلي الهيئات , والأجهزة التي تتكون منها . غير أنة يتعين التنبيه منذ البداية إلي أنة لا
يمكن الاقتصار في تعريف الإدارة العامة علي اللجوء إلي المعيار الوظيفي وحده ,
وبالقول مثلا بأنها النشاط الذي يتمثل في إشباع الحاجات العامة عن طريق المرافق
العامة , وفي المحافظة على النظام العام إذ أن هذه المجالات من النشاط ليست حكرا
للآداره وحدها
ويقصد بالقانون الإداري في أوسع دلالاته ذلك الفرع من القانون العام الداخلي الذي
يحكم تنظيم ونشاط الإدارة العامة , أي تلك الإدارات والأجهزة , والهيئات التي
تتولي , تحت إشراف السلطة السياسية الوظيفية التنفيذية التي تتخلي في مظاهر تدخل
الدولة الحديثة ونشاطها , وبهذا المعني الواسع يوجد القانون الإداري في سائر الدول
بغض النظر عن الفلسفة التي تحكم نظامها القانوني , وسواء كانت علي وجه الخصوص من
الدول التي تأخذ كأصل القانون الأنجلوسكسوني , أو كانت من الدول التي تأخذ بالنظام
القانوني اللاتيني ونموذجه هو النظام القانوني الفرنسي .
غير إن لاصطلاح
القانون الإداري دلالة أخري في فرنسا , والدول التي تأثرت بنظامها القانوني ومنها
مصر ويقصد باصطلاح القانون الإداري في هذه الدول مجموعة القواعد القانونية التي تحكم
تنظيم ونشاط الإدارة العامة , والتي تختلف جوهريا , عن تلك التي تحكم روابط الإفراد وأشخاص القانون
الخاص , وهذا المعني الإصلاحي للقانون
الإداري هو الذي تنصرف إلية الدراسة في فرنسا والدول التي تأثرت
بنظامها القانوني , وهو الذي نتناوله
بالدراسة في هذا المؤلف .. ففي هذا المعني الاصطلاحي يوجد القانون الإداري فقط في
تلك الدول التي تتخصص لمنازعات الإدارة
جهة قضائية مستقلة عن المحاكم العادية
وتخضع نشاط الإدارة بصور رئيسية لقواعد مغايرة عن قواعد القانون الخاص وذلك نقلا
عن التجربة التي مرت بها فرنسا وانتهت إلي ظهور القانون الإداري .بهذا المعني
الاصطلاحي .
نشأة القانون الإداري :-
يرجع
ظهور القانون الإداري (مجلس الدولة) في فرنسا إلي الظروف التاريخية التي صاحبت
الثورة الفرنسية إذا ذهب رجال الثورة
الفرنسية إلي تبني تفسير معين لمبدأ الفصل بين السلطات , وقروا إن إخضاع الدعاوي
والمنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها للقضاء العادي يؤدي إلي فقدان الإدارة العامة لاستقلالها , ومن ثم إلي إهدار مبدأ الفصل بين السلطات . وقرر رجال الثورة منع المحاكم من نظر المنازعات
الإدارية وأصدروا في سنة 1970 قانونا خاصا
بالتنظيم القضائي تضمن النص على أن
الوظائف القضائية مستقلة , ومنفصلة
عن السلطات الإدارية , وإلا عد ذلك خيانة
عظمي , وانشأ نابليون مجلس الدولة في العاصمة ومجالس وداويين المديريات في الأقاليم
وكان مجلس الدولة في البداية مجرد هيئة استشارية تقدم النصح للإدارة دون أن يكون ملزما لها ,
غير أنة مع التطور التاريخي أصبح مجلس الدولة
جهة قضائية حقيقية تصدر إحكاما ملزمة للإدارة , وبذلك تحقق الازدواج
القضائي وهذا الازدواج القضائي هو الذي انتهي إلي قيام الازدواج القانوني أيضا ,
ومن ثم إلي ظهور القانون الإداري بمعناه الاصطلاحي السابق بيانه .
اذا
أن المحاكم الإدارية لم يقيدها المشرع بضرورة
إتباع نصوص تشريعية معينة , وعلي الخصوص
نصوص القانون المدني ومن ثم مارست حريتها في البحث عن القواعد القانونية
التي تتناسب مع طبيعة المنازعات الإدارية ومن مجموعها تكون القانون الإداري في
فرنسا وليد هذه الظروف التاريخية.
وقد
نقلت العديد من الدول علي رأسها مصر عن التجربة الفرنسية السابق ذكرها .
وقد
أخذت مصر بنظام القضاء الإداري منذ صدور القانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس
الدولة الذي يحكمه حاليا القانون رقم 47 لسنة 1972 .
خصائص
القانون الإداري :-
يتميز القانون الإداري بخاصيتين رئيسيتين , فهو من
ناحية قانون غير مقنن , ومن ناحية أخري يوصف القانون الإداري بأنة قانون قضائي
والواقع إن هاتين الخاصيتين متكاملتان وتساند كل منهما الأخر .
فمن
ناحية أولي , لا يزال القانون الإداري غير
مقنن فلا توجد مجموعة تشريعية واحده تضم سائر قواعد القانون الإداري وتماثل التقنين المدني أو التجاري أو الجنائي
..الخ . ولا يعني ذلك عدم وجود تشريعات في العديد من
موضوعات القانون الإداري إذا ان هناك
العديد من التشريعات التي تحكم موضوعات متفرقة في مجال القانون الإداري مثل
التشريعات التي تحكم شئون الوظيفة
العامة او العقود الإدارية او الأموال العامة وغيرها من موضوعات القانون
الإداري ولكن يبقي ثابتا أنة لا يوجد تقنين موحد يجمع سائر أحكام القانون علي
اختلاف موضوعاته .
ومن
جهة ثانية يوصف القانون الإداري عادة بأنة
قانون قضائي , فالنظريات الرئيسية للقانون الإداري لم يصدر بها تشريع وإنما
استنبطها وارسي أسسها القضاء الإداري في بحثه عن الحلول التي تتفق مع طبيعة الروابط القانونية التي
تنشا في مجال القانون العام .
ومن
ثم فان القضاء الإداري تكون له الحرية في ابتداع الحلول القانونية التي تنشا في
مجال القانون العام بين الإدارة في قيامها علي المرافق العامة وبين الإفراد , فله
أن يطبق من قواعد القانون الخاص ما يتلاءم معها وله ان يطرحها اذا كانت غير
متلائمة معه .
وان
هذا الدور الإنشائي الذي اضطلع به القضاء الإداري في خلق وتطوير قواعد القانون
الإداري هو الذي يفسر بقاء هذا القانون غير مقنن
حتى يبقي متطور غير جامد ومن ثم
يتيح للقضاء تطوير وتعديل احكامه ونظرياته
بما يتفق مع ما تملية اعتبارات الصالح العام .
Subscribe Our Newsletter
0 Response to "تعريف ونشأة وخصائص القانون الإداري"
إرسال تعليق